اضطراب الشخصية المازوخية هو حالة نفسية معقدة تتسم برغبة الشخص في تحمل الألم النفسي أو الجسدي، أو الانغماس في علاقات أو مواقف تُسبب له المعاناة. يعاني الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب من ميل غير عادي للبحث عن الألم أو السماح للآخرين بإلحاق الأذى بهم، سواء كان ذلك عن وعي أو غير وعي.
في هذا المقال، سنستعرض ماهية اضطراب الشخصية المازوخية، أسبابه، الأعراض المرتبطة به، وكيف يمكن التعامل معه لتحسين جودة حياة المصابين.
ما هو اضطراب الشخصية المازوخية؟
يُعرف اضطراب الشخصية المازوخية أيضًا بـ”اضطراب الشخصية ذاتية التدمير”، وهو نوع من اضطرابات الشخصية يتميز بسلوكيات مستمرة أو متكررة تؤدي إلى إيذاء النفس أو التسبب في المعاناة. قد يكون هذا الإيذاء نفسيًا (مثل الدخول في علاقات سامة)، أو جسديًا (مثل تحمل الألم دون سبب منطقي).
الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب غالبًا ما يتجنبون المواقف التي قد تحقق لهم السعادة أو النجاح، ويبحثون عن العلاقات التي تزيد من شعورهم بالذنب أو الألم.
أعراض اضطراب الشخصية المازوخية
هناك أعراض متعددة لهذا الاضطراب:
1. السعي للمعاناة
- يختار الشخص المواقف أو العلاقات التي تسبب له الألم أو الإحباط.
- يتجنب الحلول السهلة أو المواقف التي قد تجلب له السعادة.
2. الرغبة في التضحية
- يميل إلى تقديم نفسه كضحية أو التضحية بمصلحته الشخصية لصالح الآخرين بشكل مفرط.
- قد يرفض العروض المساعدة أو المواقف التي تمنحه الراحة.
3. مشاعر الذنب المفرط
- يشعر الشخص بالذنب إذا كان سعيدًا أو ناجحًا.
- يعتقد أن المعاناة هي شكل من أشكال التكفير أو الاستحقاق.
4. البحث عن علاقات مؤذية
- يميل للدخول في علاقات غير صحية، مثل العلاقات التي تتسم بالإساءة الجسدية أو العاطفية.
5. الميل للإيذاء الذاتي
- في بعض الحالات، قد يلجأ إلى إيذاء نفسه جسديًا أو عاطفيًا كوسيلة للتعبير عن مشاعره.
أسباب اضطراب الشخصية المازوخية
1. التجارب السابقة المؤلمة
- التعرض للإساءة في الطفولة (جسدية، عاطفية أو نفسية).
- نشأة في بيئة غير مستقرة أو مليئة بالتوتر والمشاكل.
2. التربية والمعتقدات
- التربية التي تُركز على الشعور بالذنب أو المعاناة كوسيلة للحصول على القبول أو الحب.
- التقاليد الثقافية التي تعزز التضحية المفرطة أو قمع الذات.
3. العوامل النفسية
- مشاعر انعدام القيمة أو تدني احترام الذات.
- رغبة غير واعية في استعادة السيطرة على الألم من خلال التسبب فيه بوعي.
4. العوامل الوراثية
- قد يكون للعوامل الوراثية دور في تطور هذا الاضطراب، حيث يُعتقد أن العوامل الجينية تؤثر على استجابة الدماغ للألم والمعاناة.
آثار اضطراب الشخصية المازوخية
إذا لم يُعالج، يمكن أن يؤدي اضطراب الشخصية المازوخية إلى:
- تدهور العلاقات الشخصية: بسبب نمط السلوك السام والاختيارات غير الصحية.
- الإصابة بالاكتئاب أو القلق: نتيجة للشعور المستمر بالذنب والمعاناة.
- المشكلات الصحية: بسبب الإهمال أو السلوكيات المدمرة مثل إيذاء النفس.
- الفشل المهني أو الاجتماعي: نتيجة لتجنب النجاح أو المواقف الإيجابية.
كيفية التعامل مع اضطراب الشخصية المازوخية
1. العلاج النفسي
العلاج النفسي هو الخطوة الأساسية للتعامل مع هذا الاضطراب. يُركز على:
- التعرف على أنماط السلوك غير الصحية.
- معالجة الجذور النفسية التي تؤدي إلى البحث عن الألم.
- تحسين احترام الذات وتعلم تقنيات لتحسين العلاقات الشخصية.
2. العلاج السلوكي المعرفي (CBT)
يُعتبر العلاج السلوكي المعرفي فعالًا في تعديل الأفكار السلبية والسلوكيات المدمرة، حيث يساعد الشخص على إدراك كيفية تأثير تفكيره على أفعاله.
3. الدعم العائلي والاجتماعي
- إشراك أفراد الأسرة في العلاج لخلق بيئة داعمة.
- تعزيز العلاقات الصحية وبناء شبكة أصدقاء إيجابية.
4. تقنيات إدارة التوتر
- ممارسة التأمل واليوغا لتخفيف التوتر وتحسين الصحة العقلية.
- تعلم استراتيجيات للتعامل مع المشاعر السلبية بطرق صحية.
5. في الحالات الشديدة
قد يتطلب الأمر تناول أدوية مضادة للاكتئاب أو القلق تحت إشراف طبيب نفسي، خاصة إذا كان المريض يعاني من اضطرابات نفسية أخرى.
اقرئي أيضًا:
كل ما تريدين معرفته حول اضطراب الشخصية الوسواسية
الأسئلة الشائعة
ما الفرق بين اضطراب الشخصية المازوخية وحب المعاناة (السادية الذاتية)؟
اضطراب الشخصية المازوخية يتعلق برغبة غير واعية في تحمل الألم والمعاناة، سواء جسديًا أو نفسيًا، في حين أن السادية الذاتية تشير إلى الاستمتاع بإلحاق الألم بالنفس بشكل متعمد لتحقيق شعور معين أو هدف محدد.
هل يمكن الشفاء التام من اضطراب الشخصية المازوخية؟
يمكن تحسين حياة المصاب بشكل كبير من خلال العلاج النفسي وتغيير الأنماط السلوكية غير الصحية. قد لا تختفي بعض السمات تمامًا، ولكن مع الدعم والعلاج المناسب، يمكن السيطرة على الأعراض.
ما هي العلامات التي تدل على أنني أو أحد أفراد عائلتي مصاب بهذا الاضطراب؟
بعض العلامات تشمل: البحث المستمر عن العلاقات المؤذية، الشعور الدائم بالذنب عند تحقيق النجاح أو السعادة، الانغماس في سلوكيات تؤدي إلى الإحباط أو الفشل، والرغبة في التضحية بالنفس بشكل مفرط.
هل اضطراب الشخصية المازوخية مرتبط فقط بالعلاقات الشخصية؟
لا، الاضطراب قد يظهر في مجالات أخرى مثل العمل أو الحياة الاجتماعية، حيث يميل المصاب إلى تعمد الفشل، رفض الفرص، أو تحمل الضغوط النفسية والجسدية بدون داعٍ.
هل يحتاج المصابون بهذا الاضطراب إلى الأدوية؟
الأدوية ليست الخيار الأول للعلاج، ولكن يمكن وصف مضادات الاكتئاب أو القلق إذا كان المصاب يعاني من اضطرابات نفسية أخرى مصاحبة، مثل الاكتئاب الشديد أو اضطرابات القلق، بجانب العلاج النفسي.
ختامًا، اضطراب الشخصية المازوخية حالة معقدة تتطلب فهمًا عميقًا ودعمًا مناسبًا. إذا كنت أنت أو أحد أفراد أسرتك يعاني من هذا الاضطراب، فمن المهم طلب المساعدة المهنية من مختصين نفسيين. من خلال العلاج والدعم المناسب، يمكن للشخص المصاب تحسين حياته وتطوير علاقات صحية وبناء مستقبل أفضل.