عزيزتي، الأمومة هي رحلة مليئة بالمشاعر المتباينة بين الفرح والمسؤولية، ولكن في بعض الأحيان قد تواجه النساء تحديات نفسية خطيرة بعد الولادة، من هذه التحديات ما يُعرف بـ”فصام ما بعد الولادة”، وهو حالة نادرة لكنها شديدة التأثير، في هذا المقال، سنلقي الضوء على فصام ما بعد الولادة، أسبابه، أعراضه، وكيفية التعامل معه لضمان صحة الأم وعافيتها.
ما هو فصام ما بعد الولادة؟
فصام ما بعد الولادة هو اضطراب نفسي نادر يظهر بعد الولادة بفترة قصيرة، ويتميز بحدوث اضطرابات ذهانية تشمل الهلوسة، الأوهام، والتفكير غير المنطقي. يمكن أن تكون هذه الحالة خطيرة للغاية، وقد تتطلب تدخلًا طبيًا فوريًا لضمان سلامة الأم وطفلها.
أسباب فصام ما بعد الولادة
لا يوجد سبب محدد لهذا الاضطراب، ولكن هناك عدة عوامل قد تساهم في ظهوره:
- التغيرات الهرمونية
بعد الولادة، تحدث تغيرات هائلة في مستويات الهرمونات، مثل الإستروجين والبروجستيرون، مما قد يؤثر على كيمياء الدماغ. - التاريخ النفسي
النساء اللاتي لديهن تاريخ سابق من الأمراض النفسية، مثل الفصام أو اضطراب ثنائي القطب، قد يكن أكثر عرضة للإصابة. - الضغط النفسي والجسدي
الإرهاق الناتج عن رعاية المولود الجديد، وقلة النوم، والضغوط الاجتماعية قد تلعب دورًا في تفاقم الحالة. - العوامل الوراثية
وجود تاريخ عائلي للأمراض النفسية يمكن أن يزيد من احتمالية الإصابة بفصام ما بعد الولادة.
أعراض فصام ما بعد الولادة
قد تظهر أعراض هذا الاضطراب بسرعة خلال الأيام أو الأسابيع الأولى بعد الولادة، وتشمل:
- الأوهام
- قد تؤمن الأم بمعتقدات غير واقعية أو خاطئة، مثل أن طفلها مريض أو معرض للخطر.
- الهلوسة
- سماع أصوات أو رؤية أشياء غير موجودة في الواقع.
- التفكير غير المنطقي
- قد تعاني الأم من صعوبة في تنظيم أفكارها أو التعبير عن نفسها بوضوح.
- التقلبات المزاجية الحادة
- الانتقال بين الاكتئاب، أو القلق، أو الغضب الشديد.
- السلوكيات الخطيرة
- قد تتصرف الأم بطرق غير آمنة لنفسها أو لطفلها.
الفرق بين فصام ما بعد الولادة واكتئاب ما بعد الولادة
قد يتم الخلط بين فصام ما بعد الولادة واكتئاب ما بعد الولادة، لكنهما حالتان مختلفتان:
- اكتئاب ما بعد الولادة يتسم بمشاعر الحزن، فقدان الأمل، والتعب دون ظهور أعراض ذهانية.
- فصام ما بعد الولادة يتضمن أعراضًا ذهانية مثل الهلوسة والأوهام، مما يجعله أكثر خطورة.
كيفية التعامل مع فصام ما بعد الولادة
إذا كنتِ تعتقدين أنكِ أو امرأة تعرفينها تعاني من فصام ما بعد الولادة، فمن الضروري اتخاذ الخطوات التالية:
1. طلب المساعدة الطبية فورًا
- يجب التواصل مع طبيب نفسي أو أخصائي صحة نفسية في أقرب وقت.
- قد يتم إدخال الأم إلى المستشفى في حالات الخطر الشديد.
2. العلاج النفسي
- يعتمد العلاج على الجلسات النفسية التي تساعد الأم على فهم حالتها وتعلم مهارات التأقلم.
3. الأدوية
- قد تُوصف أدوية مضادة للذهان أو مضادات الاكتئاب للمساعدة في السيطرة على الأعراض.
- يجب أن يكون وصف الأدوية تحت إشراف طبي دقيق، خاصة إذا كانت الأم ترضع طفلها طبيعيًا.
4. الدعم الأسري والاجتماعي
- يحتاج الشريك أو العائلة إلى تقديم الدعم العاطفي والجسدي للأم، ومساعدتها في رعاية المولود.
5. العناية بالنفس
- الحرص على الراحة قدر الإمكان، تناول طعام صحي، وممارسة تمارين التنفس أو التأمل.
كيف يمكن الوقاية من فصام ما بعد الولادة؟
على الرغم من أن الوقاية التامة قد تكون صعبة، إلا أن بعض الإجراءات قد تقلل من خطر الإصابة:
- رعاية نفسية قبل الولادة:
- إذا كان لديكِ تاريخ نفسي، تحدثي مع طبيبكِ خلال فترة الحمل لتخطيط الدعم اللازم بعد الولادة.
- الدعم الأسري:
- تأكدي من وجود أشخاص حولكِ لمساعدتكِ بعد الولادة، سواء في رعاية الطفل أو المهام المنزلية.
- العناية بصحتكِ النفسية:
- لا تترددي في التحدث عن مشاعركِ وطلب المساعدة إذا شعرتِ بالإرهاق أو القلق.
اقرئي أيضًا: كل ما يخص الاكتئاب عند النساء
دور المجتمع في دعم الأم المصابة بفصام ما بعد الولادة
عزيزتي، تذكري أنكِ لستِ وحدكِ، وأن الحديث عن هذه المشكلة لا يعني ضعفكِ. للأسرة والأصدقاء دور كبير في تقديم الدعم النفسي للأمهات المصابات. كذلك، يمكن للمجتمع تعزيز الوعي حول هذا الاضطراب من خلال تقديم المعلومات الصحيحة وتشجيع النساء على طلب المساعدة عند الحاجة
ختامًا، فصام ما بعد الولادة هو تجربة صعبة، لكنها ليست نهاية الطريق، مع العلاج والدعم، يمكن للأمهات التعافي والعودة إلى حياتهن الطبيعية، إذا كنتِ تعانين أعراض هذا الاضطراب أو تعرفين شخصًا يعاني منه، فلا تترددي في طلب المساعدة، صحتكِ النفسية ليست مجرد رفاهية، بل هي أساس لرعايتكِ لطفلكِ وحياتكِ الشخصية.